فيلم الحاسة السابعة (2005):
فيلم الحاسة السابعة قالبه كوميدي تم إنتاجه على غرار الحبكات الأمريكية، لكن طابعه الكوميدي وإضافة الإيقاع المصري جعل من الفيلم فيلما له أصالة مصرية حيث استخدم المخرج الأغاني المصرية القديمة (الحياة حلوة وعلّي الضحكاية) للتأكيد على المصرية الخالصة وجعل من المواقف الحياتية الكوميدية السهلة طريقا للوصول إلى هدفه من الفيلم؛ ويبرز هذا الفيلم القدرة الخاصة بالتخاطر أو ما يطلق عليها اسم الحاسة السادسة واختار عنوانا أقرب إليها -بالخطأ في الرقم- لمزيد من الكوميدية، لكن الفيلم في حقيقته يعرض موضوعا ذا عمق أبعد من كونه عرضا لقدرة فائقة فهو يستهدف قيما مجتمعية يفتقدها الكثيرون، ولم يخلُ هذا الفيلم من الرمزية منذ الدقيقة الأولى، فنجد الحرباء التي ظهرت في التتر للدلالة على التلون في شخصية البطل ومحاولته التأقلم مع من حوله بصرف النظر عن احتياجاته ورغباته هو، كما نجدها في ظهور البومة يعقبها مقابلته لساحر عجيب يخيفه في باديء الأمر للدلالة على التشاؤم أو وقوع حدثا سلبيا، وقد جاءت الموسيقى التصويرية للفيلم مناسبة ومثيرة للضحك أيضا.
وتدور أحداث هذا الفيلم حول شاب يستطيع أن يكون بطل الجمهورية في الكنغوفو وهي رياضة صينية ليس لها رواجا في مصر ككرة القدم، وهنا لا يجد فرقا بعد أن يصبح بطلا قوميا فلا يعلم عن أمره أحد وبالتالي لا يشعر بأي إنجاز فيصاب بالإحباط ويفكر بالسفر خارج مصر ويلجأ إلى شرب الخمر أيضا، وهنا يثير الفيلم تساؤلا مهما؛ كيف لبطل قومي أن يكون بطلا بلا جمهور أو تقدير وجاءت هديته من الجمهورية رمزية جدا؟ ولا يجد من يقدره سوى ولد صغير ضعيف في المدرسة التي يعمل بها معلم كونغوفو، وتدور الأحداث ويقابل ساحرا يمنحه قدرة على قراءة الأفكار دون الحاجة إلى الكلام، ويستغل البطل تلك الحاسة بعد أن يدرك أبعادها تماما ويستغلها للإيقاع بحبيبته في شركه، قبلها شخصيته السلبية حيث يلقى التعنيف من مدير المدرسة وتقليص مساحة الملعب المخصصة له ولطالبه الوحيد دون أن يحرك ساكنا، وتبرز فكرة في رأسه أنه سيلاعب أكبر لاعب كنغوفو في العالم فومان شي ويرسل له ليحدد متى سيلاعبه، ويتم استخدام الترجمة باللهجة العامية في إطار كوميدي أيضا، لكنه من الملفت للنظر أن البطل الذي قام بدور فومان شي الصيني ليس صينيا ولا يمت بملمح إليهم إلا أنه أجاد دوره وحركاته ومن الملاحظ أيضا أن أحمد الفيشاوي قد قام بمجهود عالي لمجاراته بل ويحاول تعلم الصينية لمعرفة كيف يفكر، وهنا خطأ في الحبكة لكنه لا بأس فهي في إطار كوميدي فتلك الحاسة لا تشترط فهما للغة فأنت تلتقط أفكارا مجردة أي معلومات وليس جمل وعبارات.
وحينما يكتشف سره يتخلى عنه الكل بمن فيهم حبيبته بعدما تخلى هو نفسه عمن ساعدوه وجده أيضا ففي خضم منافسته للصيني بطل العالم كان محطا للأنظار حتى أنه تخلى عن طالبه الوحيد وهنا نجد قيمة أخرى من القيم التي يحاول أن يغرسها الفيلم والعقاب الذي ينتظر من يتنصل ويتنكر لأهله وذويه، وفي المباراة النهائية يتخلى تماما عن تلك الحاسة برجوعه إلى الساحر، وفي النهاية يشجعه الجمهور وتدرك حبيبته أنه تخلى عن حبه للمال والشهرة، أي أن الهدف الرئيسي للفيلم التأكيد على أن طريق الكفاح ياتي بالعزة والشرف وليس بأرخص السبل فقد أخبره جده: “في تاريخها يا بني شرف الوصول للنصر أهم من النصر نفسه”، وهنا نجد ربط البطل بقطز وفومان شي بالتتار وتلك المبالغة قد خدمت الفيلم، كما أن شخصية البطل هي شخصية لديها لزمات وحركات جسدية كوميدية ومبالغ فيها وهو نوع من الكوميديا أيضا.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك إعتناء بالملابس خاصة البطل خاصة وهي تتناسب مع عام الإنتاج ولم ينسَ المخرج إظهار المناظر السياحية والجمالية المصرية مما جعلها نقطة قوة واضحة في الفيلم، لكن الفيلم لم يخلُ من بعض الألفاظ الخارجة أو الإيحاءات الجنسية وإن كانت قليلة، ويؤكد الفيلم على أن الإعتناء بالموهبة منذ الصغر وإصقالها يجعل من مستقبل الأفراد أكثر إشارقا، ولا ننس الجانب الديني الذي عرض في آخر الفيلم بالمواظبة على الصلاة والدعاء أي العودة إلى الله حتى يصل إلى النجاح الساحق.
يعد هذا الفيلم باكورة إنتاج شركة نيوسينشري New Century للإنتاج والتوزيع والتي أسست عام 1949 كشركة توزيع كبيرة، وقد تم إنتاج هذا الفيلم عام 2005، وهي نفس شركة إنتا ج فيلم أحلام حقيقية والتي أنتجته بعده بعام واحد، وقد قامت بتقديم العديد من الممثلين الجدد على رأسهم أحمد الفيشاوي بطل هذا الفيلم والكاتب السينارست محمد دياب، وقد أنتجت أكثر من فيلم حصل على جوائز عدة كفيلم أسماء الذي حصد 19 جائزة من مهرجانات وفاعليات سنيمائية محلية وعالمية.
اترك تعليقاً