يقوم العمل الأدبي بالعمل على إحياء فكرة قديمة أو أسلوب قديم أو قيمة مجتمعية قد تم تجاهلها أو أحداث أثرت في التاريخ اللإنساني فتم تأريخها أو غيرها من أهداف تؤكد على قيمة العمل الروائي, وهذا العمل الأدبي الذي بين أيدينا هو عمل أدبي متكامل يحيي في طياته تاريخا قديما باختلاف مواضعه, بأسلوب أدبي سليم, وبفكر ثري وحبكة متشابكة.
ويعد تشابك الحبكة من أهم وسائل الإمتاع الأدبي ويفسح للكاتب أن يظهر خبراته بين السطور لتكون نسيج واحد, وتدع القارئ يمتص العديد من القيم والمعلومات التي يكتسبها من خلال توحده مع الشخصيات الروائية المرسومة, وكلما كانت الحبكة أكثر واقعية كلما ساهم ذلك في الإنغماس في التوحد مما يضيف نجاحا إلى نجاح.
– الغلاف:
يمكن أن يعرف الغلاف على أنه أول ما يطالع الفرد من الرواية وهو يشبه تتر الفيلم فهو جزء لا يتجزأم من الرواية بخطوطه وألوانه, وهو يعكس شخصية إبداعية قد تضيف إلى العمل الدرامي نفسه, وإذا شبهنا الرواية بصندوق مغلق فيمكن لنا أن نشبه الغلاف بالقفل إما أن يكون جديدا وإما أن يكون صدئا يسيىء ألى العمل أيا كان.
غلاف أغلال جاء متناسبا تماما والرواية بأحداثها المتشابكة فاللون الأحمر هو لون الجليد الدامي وتقبع الأغلال حول معصمي رجل وهو البطل بينما تحيط به دائرة سحر تلتف حول الصفحة مما يدل على ما سيلقاه البطل من أهوال, واستخدام اللون الفاتح في الكتابة كي يظهر الكتابة فلا بد لها من فارق بين الخلفية والكلم كما أنه يشير إلى الأمل , وجاءت كتابة اسم الرواية “أغلال” متقطع للدلالة على عمق الأغلال وشدتها فكلما اشتدت على صاحبها جاء الألم كما حدث والكلمة “أغلال” من تقطيع.
– فكرة الرواية:
روايات الخيال العلمي هي ركن رائع من الأعمال الأدبية والتي تلقى رواجا اليوم خاصة مع انتشار لغة العلم والانفتاح المقصود وغير المقصود, ويضاف إليها مذاق خاص حينما يكون لدى الكاتب خلفية علمية ودراسة سابقة, وهنا يمتعنا محمد عبد الرازق الحاصل على بكالوريوس العلوم والتربية بمعالم جديدة للخيال العلمي ومذجه بسحر الفودو أقوى أنواع السحر حتى اليوم, ومن الجدير بالذكر أن الكاتب لم يخرج عن إطار سحر الفودو بالفعل مما يدل على الإنغماس في الإطلاع قبل الشروع في كتابة العمل الأدبي باستخدام تعابير جريئة.
نضج الحبكة ورسم الشخصيات:
– المزيج المحبوك:
مزج الكاتب بين سحر الفودو القوى وبين القدرات الطبيعية وكذلك القدرات المكتسبة ليكون بشرية لا مثيل لها؛ سلاحا فتاكا لا يقدر عليه أحد, مما يعكس ثقافة واسعة وفكرا ناضجا, وتميزت حبكته بالتشابك دون التداخل فالفكرة واضحة لا عيب فيها والشخصيات متناغمة وقد أعار الكاتب اهتمامه لكل تفصيلة من تفصيلات الرواية من الناحيتين الاجتماعية والنفسية, كما أنه كان يتحرى الحقائق ويسعى إلى إضافة معلومات جديدة إلى القارئ, فنجد أنه جاء على لسان “الغافقي” في عهد الحضارة الأموية لفظة “الكرة الأرضية” والتي لم تستخدم بعدفي هذا العصر إلا أنها إشارة إلى أنه سامح وليس “الغافقي”.
غير أنه يعاب على استخدم لفظة “حاسة الكلام” والكلام ليس حاسة بل “القدرة على الكلام أو النطق” و”حاسة التذوق”, كذلك استخدامه لـ “أرض روسية” ومن الأفضل أن يقول “الأراضي الروسية” خاصة وأنها قد احتلت العديد من الدول المجاورة كما أنها تضم قوميات كثيرة بداخلها, ولكن الكاتب بذل مجهودا مضنيا في تجميع الكثير من المعلومات الصحيحة بل وتوثيقها في نهاية الرواية.
كما أنه أغفل حقيقة مهمة جدا أنه عند تواجد الإنسان في العتمة ثم تعرضه إلى الإضاءة المباشرة القوية لابد لإنسان العين أن يضيق عن آخره فيصاب بعمى مؤقت يدوم لثواني كما أنه قد يصاب بالإبهار مما يتسبب بتدفق الدموع دون توقف لفترة.
– تأثر الكاتب بالعديد من الثقافات:
هناك العديد من الثقافات التي أثرت في الكاتب كثيرا فهناك تأثره بالدين الإسلامي والحضارة اليونانية كما تأثر بأوروبا وأمريكا وكذلك الحضارات الشرقية ويظهر هذا جليا من خلال:
– لغة الكاتب:
تميزت لغة الكاتب بالسهولة كما أنه يمزج بين الفصحى والعامية, غير أن أسلوبه يشبه كثيرا أسلوب د. نبيل فاروق من تذييل نهاية الجملة بتكرار آخر كلمتين أو توكيد المعنى بالتلازم, كما أن حاشية الرواية تميز روايات د. نبيل, ولكن بصمة عبد الرازق في تضاعف الحبكة ونضجها كما أن أفكاره غير تقليدية تمثل مدرسة بحد ذاتها, فتمتعك كثير بالأحداث تاركة الملل بعيدا عنك.
المزج بين الفصحى والعامية مثل إضافة وبُعدا جديدا حيث أنه الأقرب للقلب إلا أنه هناك مواضع ما كان ينبغي فيها استخدام العامية فيها والتي جاءت على لسان “الغافقي” فالعامية بدورها مرت بالعديد من المستويات قبل بلوغ هذه المرحلة كان ينبغي له مراعاتها, إلا أنه استخدم للحوار عامة العامية واستخدم في السرد الفصحى, وهو ما أضاف متعة بعد متعة. وجاءت فصحته سليمة تماما إلا من كلمة الأمريكان فقط وهي لفظة عامية بداخل نسيج الفصحى وهي من المرات النادرة التي يختلط على الكاتب بين العامية والفصحى.
أحيانا ما يلجأ الكاتب لتكرار الصفة كـ “رائع” أو استخدام حرف الجر في جملتين متلازمنين فينفس الفقرة مثل استخدام “ثم” فهي تفيد الترتيب إلا أن الفاء أيضا تفيد التعاقب ويمكنه استخدامها للتنويع وإضافة قيمة بلاغية للجمل, كما أنه أحيانا ما يظهر الإطناب في “قد قررا مفارقة عالم الأحياء إلى العالم الآخر؛ عالم الأموات, علهما يجدان فيه ما يريحهما مما سيريانه في عالم الأحياء؛ عالم الأحياء الذي هو في الحقيقة أصل الموت”, ومن الممكن أن يستعيض عن هذا بـ: “قد قررا مفارقة عالم الأحياء إلى عالم آخر علهما يرتاحان مما سيريانه في عالم الأحياء الذي هو أصل الموت”.
والحوادث هي مُجمل الوقائع الحالية أو اليوميّة التي يمكن ملاحظتها, ففي جملة “هو الدليل على عدم حدوث حادث من الأساس”, والصحيح هو “هو الدليل على عدم حدوث حادثة من الأساس”.
– الإسقاط:
استخدام الحلم في إعطاء دلالات مستقبلية, وهو ما يثري الحبكة.
– الثقافة الغربية:
في الأحداث وغيرها من استخدام لسحر والقدرات الخاصة مزيجا بنكهة عبد الرازق الغير إعتيادية, كما أن التعبيرات الجريئة تعكس قيما غربية إلى حد ما.
– الثقافات الشرقية:
والتي تمثلت في البوذية ودور الصينيين في الرواية محل النقد, وهو ما يعكس متابعة جيدة للتبت وما يحدث هناك من تفجير لطاقات وقدرات بشرية لدى كل بشري ويكتسب الفرد من خلال التمرين العديد من القدرات الكامنة والتي لم يكن يعرف عنها شيئا قبل أن يطأ أراضيهم, بل وفي اختياره لروسيا نفسها, وقد امتلك الكاتب عناصر الإبداع في اختياره لروسيا بغموضها وكبرها وطبيعتها الشرقية لتكون محلا للأحداث.
– الدين الإسلامي:
يظهر تأثر الكاتب بالدين الإسلامي في العديد من العبارات على ألسنة شخصياته بل ذكر الآية وموضعها, كما أنه يختار التوكل على الله وغيرها من كلمات بالإضافة إلى اختياره للعصر الأموي للتعبير عن خطأ من أخطاء التاريخ البشري.
– الحضارة اليونانية:
ظهرت في الفقرة الأخيرة من الرواية عندما تنفعل الطبيعة مع الأحداث فـ”سطع البرق في السماء, وهطلت الأمطار على الفور لتبشر بالخير والأمل والسعادة”.
– الكاتب والتاريخ:
تعد من أكثر إضافات الكاتب هي القدرة على تقديم التاريخ في سطوره الرائعة ومزجها بالحضارة المعاشة, كما أن الكاتب يعشق التاريخ القديم منه والحديث مما أضفى على الرواية نكهة جديدة, نكهة بلون محمد عبد الرازق.
اترك تعليقاً