• Skip to content
  • Skip to secondary menu

برشامة

موقع صمم خصيصا لك، ستجد فيه المعلومة التي تحتاج في أقل عدد من الكلمات.

  • المقالات الاجتماعية
  • فنية وثقافية
  • إقرأ معنا
  • دراما
  • مكتبة “برشامة
  • حوارات “برشامة”
  • أخبار على السريع
  • العربيةالعربية
    • EnglishEnglish
    • РусскийРусский
  •  

الصفحة الرئيسية » المقالات السينمائية » ملامح وتميز الثقافة اليابانية

ملامح وتميز الثقافة اليابانية

Авторbyعن د. رباب حسين العجماوي اترك تعليقا | Последние обновление Last Update تحديث منشور 08.10.2019

ملامح وتميز الثقافة اليابانية:

ترجع العلاقات اليابانية العربية[1] إلى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين اقتصاديا أولا، بينما ترجع العلاقات العربية الصينية التجارية والثقافية إلى 2100 سنة عن طريق الحرير البري والبحري، وقد احتكت اليابان بمصر بطريقة غير مباشرة عن طريق تجارة الحرير هذه، وكان هناك اندماج بين الحضارة العربية والآسيوية حيث تقلد العديد من العرب حكم الولايات ورئاسة الأحياء بالمدن والإشراف على الملاحة التجارية ومصالح السفن الأجنبية وشئون الهجرة في الصين، مما ساعد على نشر الإسلام بعد ذلك خاصة على يد التجار المسلمين كما تأثرت اللغات الآسيوية بالعربية نتيجة تداخل العرب مع الأهالي.

وترجع جذور بحث اليابانيين عن الهوية إلى صدمة المواجهة مع الغرب[2]، لكن رد فعل اليابان كان مختلفا عن الصين وكوريا حيث حافظت على مسافة تفصلها عن كل من الصين والغرب أيضا، وعمدت اليابان إلى تقييم موقعها بناء على مفاهيم ومباديء: دولة غنية وجيش قوي وحضارة وتنوير والتخلي عن آسيا والإنضمام إلى الغرب، ومع مرور الوقت وتطور اليابان اقتصاديا وتكنولوجيا أيقنت اليابان بأن عليها عدم صب كل اهتمامها وتركيزها على الشئون الداخلية بل عليها أن تلتزم بمسئولياتها الدولية لتصبح جزءً من المجتمع الدولي، فقد أثبت اليابانيون قدرتهم على استقبال القيم الوافدة والتكيف معها دون التخلي عن قيمهم التقليدية مثل الاحترام الجماعي والولاء والطاعة والحفاظ على الأسرة ليقدموا نموذجا من التوليف بين القيم التقليدية والقيم المعاصرة.

وتعرف الجماعية على أنها: ميل نفسي اجتماعي للتأكيد على أهداف المجموعة على حساب الأهداف الفردية أو الشخصية، وبذلك يتم تفضيل إنجاز المجموعة وحدة الصف والتجانس الاجتماعي وهي سمة لأبناء المجتمعات الشرقية في تصرفاتهم وسلوكياتهم، وأصبحت الثقافة اليابانية تميل إلى مزج الفردية المتبادلة والجماعية المرنة، وقد نجحت في بناء مجتمع فعال؛ فالجماعية المرنة تسهل عملية إعادة البناء لنظم اجتماعية وسياسية ديموقراطية حديثة والفردية المتبادلة فعالة جدا في المجتمع الديموقراطي لأن الديمقراطية تشترط أن يهتم الفرد بالآخرين، وبذلك فإن هذا المزج جعل اليابان تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقرار الثقافي الداخلي.

وهناك العديد من القيم اليابانية التي ترتبط بالقيام بالفعل السييء، وتتأصل في الثقافة لتدفع بالسلوك الجماعي نحو إطار محدد، أهمها[3]:

  • الفعل السييء يجلب للأجداد العار: يعتقد الكثير من اليابانيين أن سبب وجودهم في هذا العالم هو آباؤهم وأجدادهم؛ ولهذا نجد الكثير منهم يحملون في قرارة أنفسهم مشاعر الشكر تجاه الأسلاف، وقد تمنع هذه المعتقدات حوادث قبل وقوعها.
  • الفعل السييء يجعل المحيطين ينظرون لأبناء ذلك الشخص بسخط؛ فقد كان القانون غير المكتوب في اليابان يقضي بتجريم عائلة المجرم فيمتد العقاب إلى أولاده وإخوته وأبيه وأمه؛ فهو يجلب العار ليس فقط لأجداده وآبائه، وإنما أيضا لأحفاده وإخوته، ولهذا كان مجتمعا منغلقا ولا وجود لغريب فيه ولعل هذا سببا في قلة الجرائم آنذاك.

وبنظرة عامة على الدين في اليابان نجد الإيمان بالشنتوية والبوذية معا حالة نادرة تقتصر على اليابانيين فقط، إلا أنه يعتقد أن ذلك النوع من تعدد المعتقدات كان متواجدا من قبل ظهور البوذية، وعند اليابانيين مفهوم شنتوي يطلق عليه “ياأويوروزو” وهو يعني إله الكل، واليوم نسمع كلمة “تعايش مع البيئة” كثيرا في التلفاز والجرائد والتي ظهرت في العصر الحالي فقط، وتتعلق الأساطير بفكر الآلهة اليابانية الياأويوروزو، وهناك إيمان بالحظ والقدر ويمكن لليابانيين أن يتعبدوا بالبوذية والشنتوية ويحتفلون بالكريسماس برغم أنهم ليسوا مسيحيين، كما أنهم يتعبدون في أي وقت لأنهم يستريحون للتعبد في حد ذاته وليس لارتباطهم بإله معين.

ولم تبدأ علاقة العرب باليابان تاريخيا[4] إلا في مطلع القرن التاسع عشر، وبصفة خاصة بعد أزمة البترول الطاحنة في أكتوبر عام 1973م؛ حين شعر اليابانيون حكومة وشعبا بأهمية الاتصال بالمنطقة العربية وأخذوا يلتمسون إلى ذلك كل وسيلة ممكنة، وبدأ المتخصصون اليابانوين في انتهاز تلك الأحداث ليترجموا الكتب العربية المهمة وأعظمها القرآن إلى لغتهم الأم؛ لكن لم تكن العلاقات تزيد عن الرغبة في تأمين مصلحتهم فقط والتأكيد على حسن النوايا تجاه العرب.

وقد كان يطلق عليها فيما قبل بلاد واق الوق وتعود كلمة الواقواق إلى الكلمة اليابانية “واقوقو” وهي التسمية التي أطلقها الآسيويين وبخاصة الصينيين والكوريين على دولة اليابان قديما وقد تناولها القدماء المسلمون من خلال احتكاكهم مع قرنائهم الصينيين، غير أنه لا يوجد سمة دليل على وجود اتصال مباشر بين الجزر اليابانية والحضارة العربية.

ولنتحدث قليلا عن طبيعة الثقافة اليابانية، فقد تطورت من الثقافة الزراعية إلى الثقافة الصناعية ولم ينظر اليابانيون إلى الطبيعة على أنها شىء يمكنه الاصطدام مع حياة  الإنسان، بل حاولوا أن يجدوا ضالتهم بالاستمتاع بكل ما تجود به من خيرات ونعم، إن هذا الفكر الفريد الذي تحلى به اليابانيون جعل هناك اتجاها لجعل الذات من داخلها وخارجها، أو قل عالم الباطن وعالم الظاهر ليصبح شيئا واحدا لا يتجزأ، وتتمتع اليابان بموقع آسيوأوروبي جعل من السهل بقاء الثقافات القديمة، ولكنها بقيت وتراكمت على مر العصور دون أن تفقد خصوصيتها، ويطلق على هذه الخاصية اسم خاصية “تراكم الثقافات”، وهي إحدى سمات الثقافة اليابانية، فإذا أخذنا مثلا الديانة فإن الشنتوية لها جذور ضاربة في العصور السحيقة، وغيرها مثل البوذية التي انتشرت في العصور القديمة والوسيطة، إلى جانب المسيحية التي دخلت في العصر الحديث والتي تعايشت معا في اليابان، ليس فقط مفهوم الاعتقاد بل نجد أيضا الفنون والعادات الاجتماعية ونمط الحياة وغيرها.

وتبعا لمفهوم تراكم الثقافات فإن اليابان تتقبل الثقافة الواردة وتذيبها وتتعايش مع الثقافات السابقة عليها، فنجد أن الشعب الياباني منذ القدم متسامحين نوعا ما تجاه كل الآراء والأفكار الواردة من الخارج؛ ففي الوقت الذي دخلت اليابان الثقافة والعلوم الغربية في العصر الميجي 1868م بشكل واسع، فإنها قد حافظت جيدا على التقاليد الروحية لليابان حتى يقال إن اليابان من أكثر البلاد في العالم التي تجمع بين الشرق والغرب؛ وهي إحدى المميزات اليابانية، ولدى اليابانيين احساسا بالخوف تجاه بعض عناصر الطبيعة المختلفة ويعتقدون بوجود أرواح تكمن فيها وبالتالي يعبدونها ولا ينكروها إلى الآن، كما أن الآلهة كانت مصدر للخوف والرعب في بدايتها ثم أقاموا الشعائر والاحتفالات الدينية، قفد أصبح من المعتقد أن آلهة الطبيعة في الأصل هي نفس الآلهة القبلية البشرية قبل انتقال البوذية لليابان.

إن فترة ما قبل الحداثة وما بعدها قد إلتقت معا في موضع يثير الفضول في اليابان لتشكل العصر الحديث إلى عناصر من البوذية والكونفوشيوسية والشمانية والفكر الغربي كلها تعيش تحت سقف واحد لأن الفكر التقليدي ممثلا في الخط الأصلي للموروث الفكري للأمة لم يتأثر من ذاته بل كان مستجيبا للتأثير الخارجي على الدوام، فقد اتسم الفكر الياباني الحديث بالإزدواجية الحتمية التي فرضها الواقع الدولي على منطقة جنوب شرق آسيا، وإلتزمت اليابان بهذه المعايير صونا لاستقلالها وحماية لوجودها، وجعلت لغة الخطاب السياسي تتسم بالمرونة في حين أبقت بقايا نظام القيم القديمة في المؤخرة، فنظام الحكم الإمبراطوري ظل على هيبته وانقسمت اليابان إلى نظام دولة ونظام إمبراطوري كلاهما يسيران جنبا إلى جنب لخدمة قضية اليابان الحديثة، ولقد أكدت الأحداث السياسية المتتالية أهمية هذه الإزدواجية في التعامل مع العالم الخارجي، فالقديم والحديث أشبه بالعقل والقلب، فالعقل هو الذي يتعامل مع العالم المتحرك أما القلب فهو البقاء في أحضان الماضي بكل معانيه وقيمه الراسخة، ولقد نجحت اليابان في لفت أنظار العالم الخارجي إلى شخصيتها الفريدة وكان لهذه المرونة أثرها في سرعة استيعاب اليابان لمتطلبات العصر الحديث[5].

ولعل الغرب يفسر المرونة اليابانية في شىء من السلبية فهم لا يستطيعون أن يفسروا الصمت الياباني، فيكون محل انتقاد هل هو احساس بالدونية أم لتجنب الصدام مع الغرب أم هو حياء والحقيقة أن الشخصية اليابانية طبقا لمعايير الفكر الغربي تبدو سلبية وغير قوية إذا ما تعرضت لنقد أو تحد من نوع ما، كما أن الإحساس عند اليابانيين بالجماعة أقوى منه عند شعوب أخرى؛ فالمجتمع الياباني يؤكد على الإطار الجماعي والتنظيمي، وبالتالي فإن الانتماء لهذا المكان هو من أساسيات الترابط بين الأفراد، وللتقاليد الأسرية المجتمعية دور مهم في تحجيم النزعات الفردية وتسويتها حيث يتعلق الأمر بمصلحة الجماعة التي ينتمي إليها الفرد، ورغم هذه الروح السائدة بين اليابانيين؛ فإن ذلك لا يمنع وجود نوع من المعارضة لنظام المجتمع التقليدي، والذي يهتم بالإخاء والمساواة بين الأفراد وتقوية روح الإندماج والانسجام بين الأفراد وقياداتهم، وبالتالي بث روح الوحدة عن طريق خلق مناسبات عديدة لللقاء والترفيه وخلق فرص المناقشات الصريحة، ولكن محل ذلك في الإطار الذي يحتمي به.

وتختلف اليابان عن سائر الأمم الآسيوية بهذا الخلق الرفيع “الحياء” الذي جعلها مضرب الأمثال في السمو والتسامي والاحترام والطاعة وعدم الخروج عن المألوف، ولأن الحياء يعد أعلى فضيلة عند اليابانيين وعليه تدور سائر العلاقات الاجتماعية بل والسياسية والاقتصادية فقد سادت المجتمع روح من السلام الاجتماعي والاستسلام الإيماني لكل ما هو مقدر بفعل هذا الحياء،  وهو سر رفضهم الدخول في جولات سفسطائية عن مفاهيم وقضايا شائكة حول الوجود والكون والإله.

إذا كان الحياء هو الاحساس بالخوف من نقد الآخرين وبالتالي تجنب الدخول في مواجهة أخلاقية قد تؤدي إلى فقد مميزات بعينها، أو فوائد وقتية إذا لم نراع هذا الإحساس، فإن المتعارف عليه عند اليابانيين بصفة عامة هو الانسجام والتآلف مع كل ما هو من شأنه أن يسبب نوعا من اللوم أو النقد لشخص أو مجموعة من الأشخاص، وبالتالي إبداء المرونة تجاه أي أوامر أو عقائد أو ضغوط دون مناقشة أو مقاومة، إن الأمة اليابانية تؤمن بالإنسجام أكثر من الشقاق وتكره الخروج على المألوف حتى لا تتعرض للعقاب الجماعي، فمفهوم الثواب والعقاب هو مفهوم جماعي وليس فردي، وبالتالي تنعدم المسئولية الفردية عند حدوث كارثة ويصبح على الجميع دين يجب دفعه وواجب يجب تحمله دون شكوى أو تبرم، إن الدافع للعمل نابع من الاحساس بالواجب الناجم عن الخجل من نظرة الآخرين على أن تحكم الجماعة قيم نفعية أو مادية، ولأن المعترض مطرود وهي أشد عقوبة اجتماعية هناك، لذا كان على الياباني أن يتعامل بذكاء اجتماعي ويعد الخوف من النقد هو العامل الأساسي في احتراس الفرد واللين أمام مطالب الجماعة.

أخذ رواد النهضة الأوروبية[6] بأسباب العلم الحديث القائم على العقلانية المادية منتقدين الفكر الديني الذي كانت تتبناه الكنيسة آنذاك، وتحرم على رعاياها الأخذ بأسباب العلم أو التفكير من خلاله، مما أحدث نوعا من الخلل والجبن تجاه قضايا التحول إلى المدنية وقيام مجتمع حر تسوده روح العقل والعلم، ولقد كانت آراء ماتن لوثر هي الرائدة في هذا التحول إلى العقلانية الدينية القائمة على روح النقد ورفض الكهنوتية الدينية والدعوة إلى التحرر من روح الاستبداد والتخلف الفكري الذي فرضته سلطة الكنيسة على رعاياها تحت ستار التدين والإيمان، وهذا التحول بدأ من بزوغ روح النقد أولا تجاه الفكر الديني، ثم تطور إلى ثورة عارمة في كل قضايا الحياة في تطور متتابع امتد من غرب أوروبا إلى شرقها، وهو ما عرف باسم “الثورة المارتينية البروتستانتينية” أو “الثورة الدينية”.

بينما النهضة اليابانية لم تقم على ثورة أو تحول في المفاهيم الدينية أو الأخلاقية كما هو الحال في أوروبا بل قامت على أيدولوجية سياسية دينية تقوم على التقديس والولاء للإمبراطور بصفته المقدسة بإعتباره من الآلهة الأحياء كما تزعم الأسطورة اليابانية، وتلك النظرة الأسطورية التي تعتبر الإمبراطور إلها من سلسلة الآلهة اليابانية تستمد شرعيتها من كتاب “كوجيكي” Kojiki، وهذا الكتاب يعتبر من الكتب المشهورة والتي تتناول طبيعة العلاقة بين الإمبراطور واليابان وتاريخ ظهور آلهة اليابان على الجزر اليابانية، وتعتبر الديانة الشنتوية من الديانات القديمة التي لا تزال تقدس الذات الإمبراطورية وعلى رأس الآلهة اليابانية وتقيم الطقوس والشعائر في كل مناسبة من أجل إظهار الولاء والطاعة له”.

ولقد ظهرت بوادر النهضة في اليابان في مرحلة ما قبل التحول للمدنية بإمكانيات متواضعة، ليس فقط على المستوى الفكري ولكن أيضا على المستوى العلمي بشقيه المادي والروحي، حينها لم يكن الطب الصيني بذات الصيت في اليابان كما هو الآن، ثم توالت الاهتمامات بسائر العلوم الحديثة مثل الفلسفة والعلوم الطبيعية والدراسات الهولندية من خلال تعلم اللغة الهولندية بادئ ذي بدء، ثم نقل ما هو جديد عن التقدم العلمي الغربي، ومن خلال حركة الترجمة في عصر إيدو توالت المعارف الأوروبية المترجمة إلى اللغة اليابانية بشكل مثير وصاحب هذه الانتقالة دخول المبشرين الأوروبين حاملين معهم الدعوة المسيحية.

ترجع جذور الفكر القومي الياباني[7] إلى ثلاث إتجاهات فكرية تجسد الفكر الحالي نعرضها تبعا للأهمية:

  1. المدرسة القومية KOKUGAKU国学(1680-1820): إن عمق الروابط بين الممارسة الفعلية للأخلاق والاعتقاد عند الشعب الياباني، جعل الباحثين عاجزين عن التفرقة بين ما هو اعتقاد وما هو أخلاق فكلاهما يؤكدان تلازما متصلا وتعاونا وثيقا، فالعودة إلى الفطرة الأولى في الحياة والارتباط بالقيم الأولية هو في حد ذاته منبت الفكر القومي والأصولية اليابانية، ومن هنا تبرز الدلالة الحقيقية لمذهب نوبوناجا الفكري.
  2. حركة الميتو MITOGAKU水戸学 (1774-1826): وهي حركة فكرية تأسست نتيجة إحساس اليابان بخطر القوى الغربية التي احتكت باليابان قبل عصر الانفتاح الذي بدأ على يد تواديوتاني ثم تبعه كثير من المفكرين كذلك الذين دعوا لطرد الأجانب واحترام الامبراطور؛ وتعتبر حركة ميتو أحد أشكال الفكر الياباني ولكنها تستمد جذورها من الكنفوشيوسية ثم تحولت إلى القومية بعد أن تفاعلت مع الفكر القومي المعروفة باسم KOKUGAU.
  3. المدرسة الغربية YOGAKUよがく (1760-1880): لو تتبعنا حركة الفكر الياباني القومي سنجد فكر هذه المدرسة وقد اندمج في كل القضايا.

دعونا نلقي نظرة على المجتمع الياباني في الحقبة المعروفة بـ “إيدو” فقد تألف من أربع طبقات اجتماعية تتسلسل كالآتي:

  • طبقة البوشي (الساموراي)
  • طبقة الفلاحين
  • طبقة الحرفيين
  • التجار

ومع إلغاء هذا النظام الإقطاعي المسمى “الباكفو” رسميا، وقيام حكومة جديدة لها ثوابت قومية لا تحيد عنها، وقد كانت اليابان في تلك الآونة حريصة على عدم الوقوع تحت سيطرة أجنبية فكان لزاما عليها أن تتعامل مع الواقع الجديد الذي تحتمه المصلحة القومية، فألغت سياسة العزلة والإنغلاق التي حافظت عليها الحكومة العسكرية المعروفة باسم الباكفو والتي استمرت قرابة 260 عاما متصلة فيما يعرف باسم عصر العزلة SAKOKU، وتبنت سياسة الانفتاح تحت ضغط القوى الأوروبية فيما يعرف باسم KAIKOKU، وقد كان هدف الحكومة الإصلاحية التي عرفت باسم حكومة ميجي –نسبة للامبراطور ميجي.

إن اليابان الحديثة لم تكن في بداية الأمر عازمة على هذا التحول نحو المدنية الجديدة لولا الضغوط التي مارستها القوى الغربية كي تفتح أبوابها على العالم الخارجي، وربما كان الشعور بالضعف والتخلف أمام تلك القوى هو أهم الأسباب التي دفعت حكومة ميجي إلى الرضوخ لمطالبها؛ فقد قارنت اليابان بين مستواها العسكري ومستوى تلك الدول، وكان على اليابان أن تعيد تفكيرها من جديد لبناء دولة حديثة أساسها جيش قوي ودولة حديثة ورفعت الحكومة آنذاك عدة شعارات قومية منها:

  • شعار الحضارة والتنوير BUMMEI-KAIKA
  • شعار جيش قوي ودولة غنية FUKO KU-KYOHEI
  • تعليم غربي وروح يابانية WASSHIN-YO SAI

وقامت الدولة بإلغاء نظام التعليم القديم السائد والقائم على تعليم الأخلاق والقيم الكنفوشوسية إلى تعليم يقوم على نظام غربي، ولقد تحولت المعايير النظرية إلى تلك التي حددتها الحكومة السياسية إلى معايير واقعية تخدم قضايا الاستقلال السياسي بعيدا عن الصدام مع القوى الغربية، فالشعور بالمسئولية يحتم التعامل مع الواقع بحذر، دون تفريط في الكيان السياسي، لقد كان للتحول الجديد نحو الثقافة الغربية أثره البالغ في تنشيط الاهتمام باليابان الجديدة من وجهة نظر الباحثين الغربيين، ولعل هذا الاتجاه كان له أثره البالغ في زيادة الاهتمام بمعرفة تلك الجزر المتفرقة في المحيط الهادي، وشكلت اللغة مشكلة جوهرية فالشعب الياباني انطوائي في معاملاته مع الأجنبي؛ ربما بسبب الخوف من التعامل مع الأجنبي أو بسبب الخوف من التعامل مع عنصر أجنبي محظور التعامل معه في ظل سياسات الحكومة اليابانية التي كانت تحظر على الأجانب دخول المدن والقرى اليابانية بإستثناء الموانئ البحرية فقط.

وتوالت البعثات القنصلية في اليابان في محاولات جادة لدراسة وفهم اللغة اليابانية التي تعتبر لغة لا تنتمي إلى أي أسرة لغوية يمكن من خلالها دراستها وفهمها، فبرغم أن اليابانيين استعاروا الحروف الصينية في الكتابة إلا أنه لم يكن هناك نظام نحوي يمكن فهمه بطريقة عقلانية- فاليابان تضم العديد من الجزر وكل جزيرة تستخدم لهجاتها المحلية حتى العاصمة “إيدو” تم تغييرها ليصبح اسمها “طوكيو” ولها لهجتها أيضا مما جعل الحكومة اليابانية تسعى لتوحيد التعليم في الجزر المختلفة لتصبح لهجة طوكيو العاصمة هي اللغة الرسمية في الكتابة والتخاطب.

يمكننا القول بأن طبيعة المجتمع الياباني وتركيبه الثقافي هو الذي ضمن وحدة الأمة وتكتلها نحو تحقيق الهدف القوي المرجو، وهو ما جعلها ثقافة فريدة عن غيرها من الثقافات المجاورة كالصين وكوريا والهند، فقد ساعد إحساسها بالضعف وإجبارها على فتح موانيها على تقوية الشعور السياسي بأهمية بناء جيش قوي يمنع هؤلاء البيض من الاقتراب من دولة الأجداد.

فقد أعادوا تفسير العقيدة الدينية اليابانية في ثوب جديد لينعدم التناقض بين القيم الروحية للشعب والأهداف القومية للأمة، فكل أفراد الأمة اليابانية يرون في تحقيق أهداف الدولة بمنتهى الطاعة للإمبراطور، نظرا لأن الإمبراطور هو ممثل الآلهة من أجداد الشعب الياباني فإن ذلك يعد أعلى قيمة أخلاقية وطاعته تعد نوعا من رد الجميل الذي حصلوا عليه من آبائهم وأجدادهم المتنقلين، ولولا تلك العقيدة الدينية التي استنبطها رواد النهضة اليابانية لظلت اليابان دولة متخلفة بل مستعمرة غربية شأنها شأن المستعمرات الأخرى، ويجدر الإشارة إلى أن وحدة الأمة اليابانية كانت متوفرة تحت شعار الإمبراطور ثم تطورت لوحدة قومية ذات طابع متطرف سياسي لم يشهد التاريخ له مثيل من قبل.

في عام 522م دخلت البوذية اليابان[8] من خلال دخولها إلى الصين عبر منشأها الهند والتي أظهرت تطورا فريدا في الصين، بعد البوذية جاء لليابانيين نوع متقدم من التعاليم وهي التعاليم الكنفوشوسية من الصين أيضا، وبنفس الأسلوب أقدم الكوريون على إلتهام تعاليمها بشراهة، لكن اليابان تميزت ببعض الصفات:

  • التجانس العرقي
  • الواقعية والمرونة
  • المزاج العام (المرح وروح الفكاهة وحب المتعة)
  • العقلية الجماعية

وقد كتب الـ”كوجيكي” “Kojiki” وهو أقدم الوثائق التاريخية في اليابان عام 712ق.م، وإذا كانت ترجمة هذه الوثيقة ترجع إلى قدوم أول إمبراطور ياباني وهو الإمبراطور جيمّوتانو Jimmu Teno إلى أول فبراير عام 660 ق.م، فإن هذا التاريخ في رأي بعض المؤرخين يمكن إرجاعه بدقة أكبر إلى نهاية القرن الثاني قبل الميلاد إن لم يكن في بداية العصر المسيحي.

وفي عام 1853م حين بعثت الولايات المتحدة الأمريكية بقوة بحرية قوامها عشر سفن بقيادة الكومودور ماثيو بيري Perry حاملا خطابا معه من الرئيس الأمريكي فيلمور موجها للإمبراطور يطلب منه إقامة تبادل تجاري وقنصلي بين البلدين، وتوجه الكومودور مباشرة إلى مقر الشوجنيته في خليج إيدو وسلم بيري الخطاب ووعد بالعودة في العام التالي، وأدرك اليابانيون مغزي التهديد الذي شكلته هذه القوة البحرية، وتمكن بيري في العام الذي يليه من الحصول على معاهدة مع الشوجنيته تلزمهم بإيجاد تلك العلاقات المطلوبة وتعيين قنصل أمريكي وأطلق على هذه المعاهدة اسم معاهدة كاناجوا Kanagwa.

يعد الصراع بين الأجيال نتاج التحول السريع، في الواقع تم في ظرف جيل واحد مما أدى إلى هزة اعتملت الوجدان الياباني في تلك المرحلة، ولم يكن الخوف والشعور بالضعف السببين الوحيدين لقبول اليابان بسرعة للممارسات والأعراف الغربية، وكان هناك من دعا للتعديل بل والتخلي عن اللغة اليابانية، واتخذت المناقشات حول الحديث من بداية السبعينات منعطفا واضحا، وأصدرت أول صحيفة خاصة تدعو لاعتناق الفكر الغربي وإدارة الظهر للتقاليد اليابانية البالية، لكن العقلية اليابانية المرهفة كانت تخوض في كافة الميادين بحثا وتنقيبا عن أسرار النجاح الذي حققه الغرب، وظهر اعتناق المسيحية كأحد بدائل النجاح، وبدأ غرس مباديء المسيحية لغرس تلك المبادىء في اليابان 1890م اعتنق ثلاثة آلاف ياباني المسيحية مما أدى إلى قرار الإمبراطور بغلق اليابان على نفسها تماما لاستعادة اليابانيين عقيدتهم مرة أخرى.

وتنبع قوة اليابانيين من التطبيق العملي للنظريات العلمية[9] بينما نجدهم أقل روعة وإبداعا في القدرة على الابتكار النظري ولعل هذا نتيجة حاجز اللغة وتميل اليابان إلى الفطنة والحساسية أكثر من ميلها للتحليل الواضح والبصيرة الفكرية أكثر من العقل، وإلى المذهب العقلي أكثر من النظرية.

لم يتم تغريب اليابان والدليل على ذلك أن نسبة المسيحية لا تتعدى 6% [10] من تعداد الشعب الياباني، أما ما أخذه اليابانيون عن الغرب فعلا هو الأوجه العصرية للحضارة الغربية مثل خطوط السكك الحديدية والمصانع والتعليم العام والصحف الكبرى والتلفاز وديموقراطية الجماهير، وبهذا تكون اليابان أكثر تحديثا وليس تغريبا، فالمجتمع بالغ التنظيم والتماسك وإن كان هناك بعض من مظاهر العولمة كنوعية الموسيقى وأكل الشباب وغيرها من مظاهر تأثر بأمريكا ولكن أليست أمريكا أيضا متأثرة ببعض المظاهر والعادات من دول أخرى كثيرة، فالقهوة من الشرق الأوسط، وشرب الشاي عادة شرقية آسيوية، وأغنية “أولدلانج سين” يابانية، تمثل جزءً من الثقافة الأمريكية.

كما أن المجتمع الياباني لا يتعرض لانقسامات حادة تمزقه، فهو متماثل بصورة قد تدعو للملل، ويتمركز الثقل الاجتماعي الياباني حول القطاع الضخم من المواطنين الذين يطلق عليهم بالعبارة الإنجليزية اليابانية: ” salaryman”، وهو وصف أكثر دقة من عبارة “العامل ذي الياقة البيضاء” التي تستخدم في الولايات المتحدة، ويتميز المجتمع الياباني بالنشاط والحيوية، وقد يرجع ذلك إلى إحالة الرجل إلى سن التعاقد في سن مبكرة وهي الظاهرة المميزة في المدن وبقاء النساء المتزوجات كبيرات السن في المنزل فيستحق بجدارة أن يكون مجتمعا سعيدا.

مما يضفي على الشباب في المدن المزدحمة جدا من الحيوية والطاقة وإذا كان هناك احساس عام في اليابان بالضيق النفسي فهو نتيجة وحدة وصرامة النماذج التي يحددها المجتمع للمواطن الياباني وليس نتيجة مزج أصول الثقافة اليابانية المعاصرة؛ ذلك لأن المجتمع الياباني شديد التماسك يعرض على المواطنين الإلتزام بأعباء ثقيلة من الواجبات والإلتزامات أو يجعلهم خاضعين لقوانين وقواعد التوافق الاجتماعي العام، مما يجعل الشباب على وشك الانفجار من التمرد، ويعزو هذا إلى إزدياد اتساع الفجوة بين الأجيال والتي زادت من صعوبة الاتصال فيما بينهما أكثر مما هو عليه في الغرب غير أن تلك الفجوة تظل دائما تحت السطح فاليابانيون يفضلون الحفاظ على المظهر العام فيما بينهم وتجنب المواجهات المباشرة في صمت والذي تتميز به العلاقة بين الآباء والأبناء في المسائل التي تنتهي بنتائج أخلاقية.

يرتبط الرجال بالسماء وترتبط النساء بالأرض[11]، وهو ما يعكس النظرة الدونية للمرأة قديما، فالنساء أقل شأنا من الرجال بدنيا، كما وجب على النساء خدمة الرجال وطاعتهم ومعاملتهم بلطف دائما في منظر مهندم ودائما تحسن من أداء واجباتهن المنزلية وبهذا فقط تكون المرأة فاضلة، أما الزوجة التي لا تنجب فيجب طلاقها، ولم تكن المرأة مستقلة ماديا فلا حق لها في الملكية الشخصية، ولا يتساوى الرجل والمرأة في الميراث، كما كان على النساء إلتزام البيت، ويمكن تعليمها بالمنزل، مع وجود تعدد الزوجات.

ويرجع اهتمام اليابان بالعالم العربي إلى القرن السادس الميلادي[12] حيث نجد التشابه بين الحضارة الهيلينية والمعادن البوذية، كما هو ملاحظ في معبد هوريجي في نارا باليابان والتي تشبه إلى حد كبير الفن المسماري في الإسكندرية، كما يشير البعض إلى أن الاحتكاك الثقافي الأول عند وصول التجار العرب إلى الصين والتلاقي مع الكثير من اليابانيين الذين كانوا يدرسون البوذية أو يتلقون تدريبات عسكرية في مدينة تشوان تسو والتي كان ابن قرطبة أسماها جانفو في كتابه “المسالك والممالك”، كما زارها ابن بطوطة من قبل، إلا أن دراسات أخرى أكدت على أنه كان هناك بعض الاتصالات المحدودة بين العالم العربي واليابان عبر الصين وكوريا خلال القرن السادس الميلادي وقد استمرت عبر عدة قرون من الزمان وإن لم تكن هناك تأثيرات حضارية كبيرة بين الجانبين.

وقد كانت منطقة شرق آسيا وحدها مصدر العديد من النظم والقيم والتقاليد اليابانية[13]؛ كالنظام الملكي الصيني الذي تركز فيه كل السلطات، وحاولوا تغيير نموذج الحاكم الوطني الياباني من حكم يتمتع بوضع شبه مقدس إلى حاكم زمني مثل الحاكم الصيني كما نقلت اليابان عن الصين نظام الكتابة الصيني الذي طورته اليابان ليصبح ملائما لها، وشهد القرن الثالث عشر الميلادي بروز عدد من التفاعلات وأوجه التبادل بين اليابان ودول العالم الإسلامي بشكل عام ودول منطقة الخليج بشكل خاص عن طريق الزيادة والتنامي في الانتقالات بين الجانبين وزيادة عدد المسافرين.

وفي عام 1639م تبنت حكومة توكو جادو سياسة الانعزال عن العالم بعد إقرار هيمنتها على البلاد خوفا من انتشار المسيحية بين اليابانيين؛ مما أدى إلى توقف الاتصال بين اليابان والعالم العربي، وقد امتدت الإجراءات التي قامت بها الحكومة اليابانية لفرض العزلة إلى استصدار قانون يمنع اليابانيين الذين يعيشون فيما وراء البحار من عودتهم إلى بلادهم، وفي فترة حكم المايجي 1853م فوجئت اليابان بإقتحام الأسطول الأمريكي ميناء طوكيو البحري ليطالب اليابان بأن تفتح أبوابها للعالم، وهنا دهشت اليابان من تفوق وتطور الحضارة الغربية المتمثلة في أوروبا وأمريكا، وأخذت تسرع في تحديث البلاد وهي تحتذي بها وكأنها الحضارة المثالية، ولهذا انتقل الاهتمام الياباني بالعالم الخارجي جغرافيا بعد أن كان مقتصرا على الهند والصين، كما شملت الاصلاحات نظم الحكم والإدارة؛ لنقل اليابان من مرحلة التخلف إلى بناء دولة حديثة، وشهد القرن العشرين الميلادي دورا متناميا لعنصري الإسلام واللغة العربية في تطوير العلاقات العربية اليابانية حيث توالى اليابانيون دخول الإسلام ليؤدي أول مسلم ياباني الحج في مكة الكرمة عام 1909م وهو عمر يماأوكا[14].

ونشأت دولة اليابان الحديثة في العصر المايجي[15]، فقد كانت مرحلة انتقالية من وضعية تقليدية إلى أخرى حديثة على كافة المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في محاولة إيجاد نوع من التوافق بين الموروث الاجتماعي والثقافي وبين ما تم اكتسابه في مرحلة الانتقال إلى الدولة الحديثة وصولا لإيجاد نسق اجتماعي ثقافي هجين يحقق التواصل المنشود في حركة المجتمع الحديث، وقد أنهت العقود الأخيرة من عصر طوكو جاوا والعقود الثلاثة الأولى من عصر مايجي مرحلة تكوين الدولة الحديثة في اليابان كما أفرزت تلك المرحلة حركة استرداد الامبراطور للسلطة من أيدي رأس النظام الإقطاعي “الشوجون” لصالح إقامة دولة مركزية حديثة، وهو ما عرف بعصر مايجي Meiji، فقد كان العزل يحرم علوم الغرب ودراستها كما كان يحرم استيراد الكتب الأوروبية بإستثناء هولندا من خلال نافذة محدودة في ميناء نجاساكي وقد بدأ الاصلاح بالزراعة ومن ثم تتابعت الاستفادة من الحضارة الغربية.

وتتمثل العلاقات الثقافية بين العالم العربي واليابان[16] في التبادل الطلابي، وكذلك أزمة النفط عام 1973م، والتي جعلت من الشرق الأوسط بؤرة الاهتمام، وجاء التعاون الثقافي من خلال مؤسسة اليابان حيث تم إنشاؤها عام 1972م بصفتها كيانا قانونيا خاصا تحت رعاية وزارة الخارجية بغرض تعزيز التفاهم المتبادل وعلاقات الصداقة على الساحة الدولية، وهي أول منظمة متخصصة للتبادل الثقافي الدولي في اليابان حيث تتوالى تنفيذ مجموعة من برامج التبادل الثقافي التي يقترن بها تبادل العاملين بإعتباره المقدمة المنطقية لها والتي تمتد من الفروع الأكاديمية كالدراسات اليابانية وتعليم اللغة اليابانية إلى الفنون والإعلام والنشر والوسائل السمعبصرية والرياضيات وثقافة الحياة العامة وتمويل أنشطة المؤسسة اليابانية من أرباح تشغيل الهيئات والمنح الحكومية والمساعدة المقدمة من الحكومة بما في ذلك ميزانية المعونة الرسمية للتنمية فضلا عما يقدمه القطاع الخاص من تمويل ومنح.

ومن الملاحظ أن مصر هي الدولة العربية التي تدخل في نطاق أهم الدول التي تستفيد من برامج اليابان في الشرق الأوسط وعدد البرامج التي تقوم بها المؤسسة في مصر، وفيما يلي عرض سريع لأنشطة المؤسسة[17] والتي تسعى بالمقام الأول لنشر الثقافة في العديد من دول الشرق الأوسط على رأسها مصر:

  • عمل دورات تعليمية للغة اليابانية في مصر والسعودية والمغرب وتركيا.
  • عمل دورات ثقافية خاصة تحمل اسم “ماريجوتو”، بالإضافة إلى دورة تعليم “المانجا” اليابانية أي رسم الكرتون الياباني 2D، وتعليم “الأوريجامي” وهو فن طي الورق لعمل أشكال متنوعة منها البسيط ومنها المعقد.
  • تقديم خدمة مكتبية متميزة من خلال عرض واستعارة العديد من الكتب اليابانية التعليمية والثقافية والعلمية في العديد من المجالات بالإضافة إلى سيديهات للمانجا، مع وجود نسخة من الأفلام اليابانية يمكن نسخها أو نقلها، كما يوجد نظام بحث حر على أجهزة الكمبيوتر.
  • الحرص على مشروعات التبادل الطلابية بين مصر واليابان منذ عام 1997.
  • إصدار مجلة شهرية تحمل اسم اليابان غير دورية وتم استبدالها بالإلكترونية حاليا إلا أن نسخها تطبع الآن على استحياء.
  • تقديم منح الدراسة في الآداب واللغة بكلية الآداب جامعة القاهرة.
  • التنظيم لحفلات موسيقية كعرض الطبول اليابانية والعزف على الآلات التقليدية اليابانية.
  • عمل معارض لفنانين يابانيين معاصرين.
  • تنظيم ندوات في مختلف المجالات الثقافية والتعليمية واستضافة كبار الأساتذة المصريين واليابانيين على حد سواء.
  • عمل سمينار سنوي للمدرسين اليابانيين لتبادل الخبرات على مستوى العالم مع تحديث كتب الدورات دوريا.
  • تنظيم عروض للأفلام بالتعاون مع السفارة اليابانية أو في دار الأوبرا المصرية.
  • تنظيم ورش عمل لتعليم الألعاب التقليدية اليابانية.
  • عمل مجموعات ونوادي للأنشطة الطلابية.

ولنتحدث قليلا عن الإعلام الياباني[18] فاليابانيون يهتمون بالصورة أولا حيث يقوم الإعلامي الياباني بكتابة المقالة بناءً على سلسلة الصور التي تم إلتقاطها مما يجعل للصورة أهمية كبرى في التليفزيون فهو وسيلة سمعية بصرية مما يجعلها أكثر مهنية وثقل، وهناك العديد من مبادئ كتابة النص التي يلتزم بها الإعلامي الياباني:

  • كتابة مقدمة التقرير والتي يقرؤها المذيع أولا قبل البدأ بكتابة نص التقرير ليساعدك ذلك في التركيز على القصة.
  • الاعتماد على الحقائق والأرقام في كتابة النص التليفزيوني أما المقابلة الإخبارية التي تجرى أثناء النقل المباشر فهي لإيصال الرأي والموقف والعاطفة والنوادر والأمثلة.
  • لا يجب أن تزيد الفقرة عن 20 دقيقة وألا يتوقف المذيع أكثر من ثلات دقائق.
  • لا توصف الصورة بل تتكامل مع الخبر.
  • يتم استخدام اللغة العادية أي لغة التخاطب وليست اللغة الشعرية أو الأدبية.
  • لا تخلو من طرح أسئلة اعتراضية.
  • إنساب الأرقام الغير المتأكد منها إلى مصدرها.

أما خصائص اللغة اليابانية[19] فهي لغة حاذفة للفاعل (أنا)؛ فلا يقال هذا الضمير إلا في الضرورة أو عند مقارنة المرء بأخيه، مما نتج عنه عدة صفات تميز الشخصية اليابانية:

  • ضعف التعبير عن الذات: بذكر الفاعل قد يُسمع أو يستقبل ذلك من الطرف الثاني على أنه حديث قوي أو شديد اللهجة أكثر مما يستدعي الموقف، فمثلا: إذا فقدت نقودي وسألت من حولي “ألا يعرف أحد عن حافظة نقودي شيئا؟” في هذا الموقف نفترض أنه تم الرد علي من الأشخاص المحيطين بهذين النوعين من الإجابة “لا أعرف” و”أنا لا أعرف” للوهلة الأولى قد تبدو الإجابتين واحدة، ولكن الإجابة بجملة “لا أعرف” فقط دون ذكر أنا تعني ببساطة “لا أعرف” وأن من قالها لا يحمل أي نوايا أخرى في طيات هذه الإجابة، لكن في حالة الإجابة بـ”أنا لا أعرف” يظهر وكأنه يريد أن يقول ويؤكد “أنا لم أسرقها ولم أخبئها، وليس لدي أي مسئولية في فقدانها” بينما الشخص الذي فقد النقود لا يريد أن يسمع أو يسأل عن هذا كله بل يأمل في ظهور محفظته، وبهذا فإن حذف “أنا” ووضع في اعتباره مشاعر الشخص الذي فقد محفظته لم يضع عليه عبئا نفسيا كما يحدث في استخدام 私Watashi.

ولكن التعود على مثل هذه التعبيرات التي تحذف الفاعل قد تتصل أيضا بضعف في التعبير عن النفس، فمن وجهة نظر من يرى وجوب معيشة الإنسان منفردا أن هذه التعبيرات قد تحمل ضعفا في الإدراك بحقوق الإنسان خاصة عند شرح المواقف الشخصية بالكلمات، فعندما تكون هناك أكثر من ثقافة لابد من التعبير عن الذات وهي أحد عيوب اللغة اليابانية.

  • تقبل الثقافات الأجنبية: من أكثر الشعوب المفعمة بالحيوية والطاقة الحياتية اليابان؛ ففي حالة وفود ثقافة جديدة إليها فالأغلب أن اليابانيين يحملون اهتماما عميقا بهذه الثقافة الجديدة بدلا من رفضها أو نبذها؛ فقد تشوق اليابانيون إلى الثقافة الأوروبية والأمريكية بعد سقوط حكومة “إيدو” منذ مائة وبضع عشرات من السنوات وتولى حكومة “مايجي” الجديدة، ولقد تزايدت أعداد اليابانيين الذين سافروا للدراسة في الخارج زيادة ملحوظة في العصر المايجي وقد أقبلت اليابان على تبني الثقافة الأمريكية عام 1945م بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وكانت أمريكا في السابق دولة عدوة ولفترة طويلة، ولكن بإنهزام اليابان في الحرب، فهم اليابانيون بوضوح مقدرة الطرف الآخر الفعلية، وبدأوا في محاولة تبني الثقافة الأمريكية ويستمر هذا الاتجاه إلى الآن، وفي السنوات الأخيرة بدأ اليابانيون في تفهم مجانسة ورقي الطبيعة الإنسانية في بلاد شرق آسيا والمحيطة باليابان أيضا، وقد قويت وجهة النظر التي ترى أنه حتى لو كان هناك تدنى في المستوى الاقتصادي فإن الإنسان يحب أن يحيا هادفا إلى الرقي والحس الإنساني.

وتحمل كلمة “غريب” في اللغة اليابانية والتي تكتب بالكانجي معنى الضيف أو الشخص النادر، فهناك إيمان بأن الشخص الغريب أو الضيف الذي يحل من خارج عالمنا يجلب معه السعادة لنا، أي أنه الشخص الذي يأتي من الخارج ليحسن من حياتنا، وعادة ما يراقب الياباني رد فعل المستمع أثناء التحدث خاصة في السؤال عما يحب، فيستطيع الياباني أن يغير رأيه بما يتناسب مع رأي محدثه خوفا من جرح مشاعره، ومن هنا نجد أن اليابانيين لا يميلون إلى الصراعات كذلك يذكر مميزات الطرف الثاني أولا قبل توجيه أي انتقادات وهي طريقة ذكية لمتابعة الحديث.

  • مراعاة مشاعر الآخرين: يوجد في اليابانية العديد من الضمائر والبدائل لنفس الضمير كضمير أنا؛ نجده (واتاشي، واتاكوش، واتاي، أوتشي) ولا يمكن استبدالها محل بعضها، إلا أن هناك اتجاه في صنع لغة جديدة تقتصر في الكلام على “واتاشي” فقط[20]، كذلك ضمير المخاطب يجب أن يكتب ولا يقرأ “أناتا” فعند الحديث باللغة اليابانية يختار الفرد أقرب التخمينات إلى الوضع الحالي، فهناك العديد من الاحتمالات للجملة الواحدة وهو ما يجعل الياباني يلازم السلوك بالتفكير المجهد للوصول إلى المعنى الصحيح مقارنة باللغات الأخرى بمعنى آخر أن اللغة التي حذفت أنا وأنت قد أنشات مشاعر التفكير في الآخرين فهناك العناية بمشاعر الآخرين ومراعاتها مثلا عند إعطاء الطرف الآخر سكينة فإنهم يحرصون ألا يكون اتجاه الحافة الحاد موجه ناحية الطرف الآخر.

كذلك ينطق اليابانيون بصوت خافت عبارات الرفض وتتميز الشخصية اليابانية بالتردد حيث لا يستطيعون أن يقولوا “لا” هكذا ببساطة خوفا من جرح مشاعر الآخرين، وقد يغير الياباني رأيه أو أن يصبر قليلا قبل التراجع عن رأيه الأول فالفعل في نهاية الجملة سواء منفي أو مثبت مما يعطيه فرص إتخاذ القرار والرجوع فيه أيضا.

  • الشعور بروح الجماعة: نظام الترقي على أساس العمر هو نظام يرتفع فيه الراتب كل عام بمقدار ما، وتزداد فرصة الترقي أيضا لمدير ورئيس قسم كلما تقدم الإنسان في العمر، وفي فترة الشباب يكون الراتب والمكانة أيضا منخفضين ولكنه يستطيع أن يأمن العمل في الشركة حتى سن التعاقد، ولم يكن هناك تقريبا مخاوف البطالة، وكانت الاعتراضات ضئيلة والتذمرات والانتقادات أيضا.

إلا أنه مع بداية الثمانينات بدأت العديد من الشركات بإتباع نظام راتب الموظف على أساس القدرات وبالتالي أصبح الموظف الشاب له راتب عالي شريطة أن يكون لديه قدرات عالية، وأصبحت الاعتراضات كثيرة وقلت مشاعر الود داخل الشركات ومراعاة الآخرين وأصبح الموظف الأعلى لا يعطي علمه ولا خبرته للموظف الأصغر خوفا على منصبه وليس كالسابق فبنقل معرفته قد يسبقه الأدنى منه أو تأتي شركة أخرى منافسة فينتقل إليها وبذلك تصبح الشركة في خطر.

  • كما يعد الغموض[21] أهم ما يميز الثقافة اليابانية وتساهم اللغة في الإحساس بهذا الغموض ليعبر الفرد عن نفسه بطريقة غير مباشرة، وهو الأمر المعتاد في المجتمع الياباني ولكنه أسلوب متبع في اليابان فقط، على الرغم من كونه مستغربا في مجتمعات العالم أي أن الفرد الياباني لا يعبر عن نفسه ومشاعره مباشرة تجاه غيره من الناس بل يفكر جيدا في رأي من حوله قبل أن يصرح بما يلج في صدره وربما لم يفصح عن نفسه وإن سئل عن ذلك.

وقد عملت الطبيعة الجبلية لليابان على التقريب بين اليابانيين وخلق توافق بينهم وفي تكوين علاقات تبني على المساعدة في مواجهة الأخطار المشتركة مما جعلها من المجتمعات المنغلقة بالإضافة إلى أن اليابان مجتمع زراعي وتتميز فصوله الأربعة بأنها شديدة التمايز، وقد كانت زراعة الأرز من أهم المحاصيل اليابانية حيث أنها نمت الحس بمساعدة الآخرين فمن أجل زرعه ونموه وحصاده يحتاج الفرد إلى مساعدة غيره وهو ما طوّر دور الإجماع في إتخاذ القرار، ومن ثم فإن من يعارض المجتمع يصبح منبوذا، وهو ما يحضرني من قيمة إزدراء الخروج عن الجماعة في أول قصة مصورة تترجم للعربية كـ”جن الحافي” والذي تم إنتاجه من قبل مؤسسة اليابان عام 2015م.

وبالتالي فإن مفهوم العمل الجماعي تشكل منذ زمن بعيد عن اليابانيين وفي تجانس حتى يحصلوا جميعا على المحصول ليبلغوا مبتغاهم، وغالبا ما يتم مشاركة العمل دون تبادل الكلمات، ويتبع الياباني من هو أكبر منه لأنه الأكثر خبرة وحكمة وقوة، وهو ما لا يولد مشكلات مجتمعية خطيرة تهدد تجانسهم ولهذا يتجنبون التصريح عن أنفسهم بوضوح أو أن يعبروا عن أفكارهم ببساطة أو أن يأتي بإجابة بسيطة مثل نعم أو لا، فإن أراد ياباني أن يرفض عادة ما يأتي بجملة بعيدة عن الرفض المباشر وتحمل أكثر من معنى مما يجعل غيرهم في حيرة من أمرهم.

وعادة ما يصنف اليابانيون علاقاتهم ويوحدوا أهدافهم على مستوى كل جماعة ويحدد دور كل واحد فيهم كما يعتبروا وحدة عاطفية واحدة وهو ما يجعل كل جماعة تساهم في تطور الجماعات الأخرى مما يسهم في تطور اليابان بالتبعية، ويمكن أن نصف اللغة اليابانية على أنها تسير في خط واحد وكأنها محاضرة وليست حوار؛ فلا تأخذ لا وقت المحاورة ولا عدد كلماتها كما في غيرها من لغات بل تحدث وكأنها في دوائر لا تنتهي فهي مرتبطة بطبقية اليابان الجغرافية، وينظر اليابانيون إلى الجو العام للمناقشة لمعرفة الاتجاه الذي سيتبناه، وإن كان لا يقتنع به لمشاركته مع غيره من البشر فقط تعلموا كيف يقرؤون مشاعر وأفكار غيرهم، ويعتقد اليابانيون أن التحدث بصراحة عن أفكارهم ليس من قبيل الأدب فمن الضروري التحدث بغموض ليتناسب الكلام ومدى معرفة المتلقي خاصة إن كان المتلقي لا يعرف شيئا فهنا التحدث بشكل صريح لا يعد تصرفا لائقا بل ومحرجا للطرف الآخر، فيستخدمون عبارات غامضة للمحافظة على جو الود العام بينهم.

ومن المعروف أن اليابانيين خجولين ولا يمكن التنبؤ فيما يفكرون به، فالغموض هو أحد طرق الأدب التي تميزهم للتعبير عن الذات، وعادة ما يحافظ الياباني على مجموع علاقاته فقد تنقطع علاقته بياباني آخر إلا أنه سرعان ما يتراجعا كي لا يتفضلا عن بعضهم البعض طوال الحياة، فلا تنقطع العلاقات هناك تماما، فيحاولون التعامل بعاطفية مع بعضهم البعض فالكل يخاف أن يترك من قبل جماعته.

ويعد الصمت أيضا نوعا من الغموض بين اليابانيين والغربيين، فعادة ما يفسر بطريقة مختلفة من قبل الطرفين فهو يعني عند الياباني عمق التفكير ولكن هذا الأمر غير مريح لغير اليابانيين، فهم يحسبون أن قصر الكلام شيئا جيدا بينما غيرهم يدركون الصمت بطرق مختلفة، فيكون هذا الغموض مصدرا لسوء الفهم لدى الأشخاص الذين ينتمون إلى مجتمعات أخرى خاصة وأنهم لا يصرحون عن رأيهم بوضوح، ويعد الغموض من أهم المشكلات التي تواجه اليابانيين في التواصل مع الآخر.

أما مفهوم الاعتماد فهو من أهم مفاتيح الشخصية اليابانية، فالياباني يعتمد على والديه كما يعتمد والديه عليه ويعتمد الشاب على جماعته، كما يعتمد الأجداد على أولادهم وأحفادهم وهكذا، وهناك العديد من تعاريف الاعتماد Amae فهو مفهوم من الصعب ترجمته من اليابانية إلى الإنجليزية ومن ثم إلى العربية؛ فهي كلمة ليس لها مفردا واحدا من اللغات الأوروبية، فقد تعني حلوى أو المشاعر الرقيقة كما أنه يستخدم للتعبير عن طبقية العلاقة بين الشباب أو الاعتماد على الآخر، ويتأثر الاعتماد بتغير العلاقة وشدتها بين الياباني وغيره، ويعنى الياباني كثيرا بالعلاقات الاجتماعية ومدى قربها وبعدها فبناءً عليه سيتحدد درجة الاحترام في الكلام الموجه للآخر، كما يرى أن عليه مسامحة الأخطاء وغفران الذات، ولهذا لا توجد علاقة بين ياباني وآخر مقطوعة تماما، وتظهر الاعتمادية في العلاقات البدائية جلية كعلاقة الطفل بأمه، ثم يتحلل الفرد من هذا المفهوم الطفولي ليصبح المفهوم أكثر شمولا باعتماد الطفل على معلمه أو على الطبيب، وغيرها من علاقات، وقد يرجع ذلك إلى تشكل المجتمع الياباني من قبل مختلف الأشخاص هاجروا إلى سلاسل جبلية كان عليهم التعامل معها والعيش معهم في جزر منفصلة ومن هنا تولد التكافل أو ما يسمى بالاعتماد، وترتكز صناعة القرار الياباني على العديد من العوامل منها[22]: التماسك الياباني، ونظام الدولة حيث يتخذ القرار من الأدنى إلى الأعلى، وأسلوب العمل الجماعي، كما أن التقارب بين أحزاب اليمين وأحزاب اليسار وسيادة السمة الشخصية في التصويت وخصوصية الرأسمالية اليابانية من العوامل الهامة.

عرف اليابانيون السنيما الصامتة[23] عام 1897م، وكان يعلق عليها راوٍ يجلس بجوار شاشة العرض وقد كانت سنيما مستوردة، بينما كان عرض أول فيلم ياباني عام 1899م، أي بعد عامين فقط وكانت تسجيل لعروض مسرح الكابوكي، أما عام 1900م فيعد بداية صناعة السنيما في اليابان، وضعت لأول مرة جريدة سنيمائية تم إنشاء أول عرض روائي عام 1902م، ثم تم إنشاء دار للعروض السنيمائية في طوكيو 1903م، وتأثرت السنيما اليابانية بالسنيما الأوروبية والأمريكية عامة وكذلك مسرح الكابوكي، فقد تأثرت بالإتجاه الواقعي نتيجة لتأثرها بالأفلام الألمانية والدنماركية مع عرض تفصيلات الحياة اليومية وتم إدخال الخط النفسي في الثلاثينيات تأثرا بالسنيما الفرنسية، بينما الأسلوب التسجيلي كان نتاج التأثر بالسنيما الإيطالية، لكن التأثير الأكبر كان للأفلام الأمريكية والتي تأثرت منذ الثلاثينيات وحتى يومنا هذا، وقد وجدت السنيما اليابانية مسارا خاصا بها فكانت تعبيرا دقيقا عن مشكلات معايشة وعلاقات اجتماعية يابانية خالصة، وتأثرت السنيما اليابانية بالسياسة الخارجية لليابان؛ فنجدها مع احتلالها لمنشوريا عام 1931م ونشوب الحرب مع الصين صنعت أفلاما لتصعيد الروح العسكرية، أما في الحرب العالمية الثانية فقد فرضت وزارة الإعلام على المخرجين توجهات معينة، بعدها جاء الاحتلال الأمريكي ليفرض توجهاته على السنيما آنذاك، حيث توجهت الأفلام لدعوى الديموقراطية وتحرر صورة المرأة في الأفلام، كما صنعت الأفلام التي تحاول إعادة إحياء الروح العسكرية، ثم ازدهرت السنيما اليابانية في الخمسينات مع الازدهار الاقتصادي انعكس على الإنتاج السنيمائي فإعلاء قيمة  الإنسانية وحرية الفرد والحرية في التعبير كلها أمور تؤكد عليها.

واتسمت السنيما اليابانية بملمحان: الأول الواقعية بتصويرها للواقع بكل تقاليده وعلاقاته وتطوراته أما الملمح الثاني فهو التغير فكل فترة تشهد السنيما تطورا هاما في تاريخ اليابان، وفي الستينات شهدت السنيما اليابانية تطورا من نوع آخر؛ فالإيقاع السريع للمكان أو للأفكار الحديثة، وفي السبعينات اختفت سنيما الأم والمافيا اليابانية، أما في عقد الثمانينات أصبحت الأفكار أكثر جرأة، وفي التسعينات اعتمد المخرجون على التجارب الشخصية والتي لا تبتعد عن الهموم والأزمات، ووصل الإنتاج في عام 1999م إلى 66 فيلما مقابل حكوميا 204 فيلما مستقلا، واستعانت السنيما اليابانية ببعض من المخرجين الكوريين أو من أصل كوري الأكثر برزوا في التسعينات[24]، ووضعوا علامة فارقة مثل إن هيروكازو من خلال تقديمه لفكرة التعايش مع الطبيعة، وهناك من عالج أفكار صادمة مثل فيلم Taboo عام 1999م، والذي تناول فيه علاقة المحتلين بالساموراي، وشهد النصف الثاني من التسعينات نموا سريعا[25] في استخدام الإنترنيت بين عموم الناس وحتى عام 2000م بلغ مستخدمي النت حوالي 47 مليون بزيادة 74% عنه في عام 1999م، ونتج هذا عن الزيادة السريعة في استعمال الهواتف المحمولة وتوصيلات الكمبيوتر المحمولة (سلكي) المستعملة لأغراض النت في مجال الوصول إلى خدمات شبكة المعلومات الدولية، ثم أدخلت الحزم العريضة المعلوماتية عام 2001م واسعة النطاق بسبب الإنتشار السريع في استخدام DSL خطوط الاشتراك الرقمية ADSL وخطوط الاشتراك الرقمية غير المتشابهة وخدمات النت عبر توصيلات خطوط البث والتي تقدم اتصالات ثابتة ومستمرة.

 

[1] السيد صدقي عابد (2005)، العلاقات العربية الآسيوية، (القاهرة: مركز الدراسات الآسيوية)، ص6-83.

[2]  سوزان عبد الغفار (2014)، الثقافة السياسية والتحول الديموقراطي: نموذجي اليابان و كوريا الجنوبية، دراسة ماجستير غير منشورة، (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية)، ص51-86.

[3]نيتو تاداتومو (2013)، ترجمة: ريم أحمد، الروح اليابانية: كتاب بسيط من أجل تعميق الفهم بين اليابانيين والعرب، (القاهرة: مؤسسة اليابان)، ص14-142.

[4] علاء زين العابدين (2005)، دراسات في الفكر والثقافة اليابانية، (القاهرة: دار العلوم للنشر والتوزيع)، 2006، ص5-50.

[5] علاء زين العابدين (2005)، مرجع سابق، ص13.

[6] مسعود ضاهر (1999)، النهضة العربية والنهضة اليابانية: تشابه المقدمات واختلاف النتائج، (الكويت: عالم المعرفة)، ص257-273.

[7] علاء زين العابدين (2005)، مرجع سابق، ص21.

[8] فوزي درويش (1994)، اليابان: الدولة الحديثة والدور الأمريكي، (القاهرة: دار الكتب المصرية)، ص15- 98.

[9] أدوين رايشاور (1989)، ترجمة ليلى الجبالي، اليابانيون، سلسلة عالم المعرفة، رقم 136، (الكويت: مطابع الرسالة)، ص321.

[10] http://study.saudiculture.jp/study12.php 4/12/2014.

[11]عبد الرؤوف عباس (2000)، التنوير بين مصر واليابان: دراسة مقارنة بين رفاعة الطهطاوي وفوكوزا يوكيتشي، (القاهرة: دارميريت للنشر والمعلومات)، ط2، 119.

[12] على سيد النقر (2010)، العرب والقطب الياباني: العلاقات العربية اليابانية في القرن الحادي والعشرين، (القاهرة: مكتبة مدبولي)، ص14.

[13] هيروشي شوجيري (1990)، مجلة السياسة الدولية : العلاقات اليابانية المصرية، (عدد 101، يوليو 1990)، ص143.

[14] موقع المسلمون في اليابان islamcenter.jp.arabic.

[15] عبد الرؤوف عباس (2000)، مرجع سابق،ص17.

[16] هيروشي شوجيري (1990)، مرجع سابق، ص153.

[17] تدرس الباحثة في دورة الماروجوتو الخاصة بالثقافة اليابانية وهذا هو ملخص العديد من المقابلات لموظفين ومدرسين المركز والعديد من المنشورات التي توزعها المؤسسة.

[18] حازم غراب (2009)، الصحافة التليفزيونية من الخبرة اليابانية إلى نموذج الجزيرة، (القاهرة: دار النشر للجامعات)، ص89.

[19] ماساهارو إيماي (2013)، ترجمة: هانم عبد الفتاح، اللغة اليابانية ومشاعر اليابانيين، (مؤسسة اليابان: القاهرة)، ص7-96.

[20] تتبع الباحثة المدرسة الجديدة في الكلام الياباني حيث إلتحقت بكورس تعليم الثقافة اليابانية (ماروجوتو)، وهو ما يتبع المدرسة الجديدة في التعليم الياباني.

[21] Osamu Ikeno (2002)، The Japanese mind، understanding contemporary Japanese culture، (Tokyo: Tuttle)، pp.9-23.

[22] وفيق خنسة (1994)، الشخصية اليابانية، (دمشق: دار الحصاد للنشر والتوزيع)، ص153-272.

[23] أيمن يوسف (1998)، حوار مع السنيما اليابانية المعاصرة، دار فرسان الكلمة، ص9-22.

[24] أيمن يوسف (2003)، السنيما اليابانية في التسعينات، (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة)، ص29.

[25] مجموعة من الباحثين (2004)، اليابان: دولة وشعب وحضارة، (طوكيو: كودانشا الدولية)، ط3، ص106-108.

قدم تحت: المقالات السينمائية, دراما الموسومة ب: دراما

د. رباب حسين العجماوي

عن د. رباب حسين العجماوي

مدرس بكلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجامعة السويس متخرجة في جامعة القاهرة بقسم الإذاعة والتلفزيون عام 2007، حصلت على الماجستير عام 2012، والدكتوراة عام 2017.
روائية وكاتبى مقالات نقدية

Reader Interactions

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2023 · Bershama.com